فصل: حديث سهل مولى عتيبة النصراني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (نسخة منقحة)



.حديث سهل مولى عتيبة النصراني:

وقال ابن سعد: حدثنا محمد بن سعد بن إسماعيل بن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي عن سهل مولى عتيبة أنه كان نصرانيا وكان يتيما في حجر عمه وكان يقرأ الإنجيل، قال فأخذت مصحفا لعمي فقرأته حتى مرت بي ورقة أنكرت كثافتها، فإذا ملصقة ففتقتها فوجدت فيها نعت محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا قصير ولا طويل، أبيض بين كتفيه خاتم النبوة، يكثر الاحتباء ولا يقبل الصدقة، ويركب الحمار والبعير، ويحتلب الشاة ويلبس قميصا مرقعا وهو من ذرية إسماعيل اسمه أحمد قال فجاء عمي فرأى الورقة فضربني، وقال: ومالك وفتح هذه الورقة؟ فقلت: فيها نعت النبي أحمد، فقال إنه لم يأت بعد.
وقال وهب أوحى الله إلى أشعيا أني مبتعث نبيا أفتح به آذانا صما وقلوبا غلفا، أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله والوفاء والصدق طبيعته، والعفو والمغفرة، والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى أمامه والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، واعلم به بعد الجهالة، وأكثر به بعد القلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأولف به بين قلوب مختلفة وأهواء متشتتة وأمم مختلفة، واجعل أمته خير أمة، وهم رعاة الشمس، طوبي لتلك القلوب. وذكر ابن أبي الدنيا من حديث عثمان بن عبد الرحمن: أن رجلا من أهل الشام من النصارى قدم مكة، فأتي على نسوة قد اجتمعن في يوم عيد من أعيادهم وقد غاب أزواجهن في بعض أمورهم، فقال: يا نساء تيماء: إنه سيكون فيكم نبي يقال له أحمد، أيتما امرأة منكن استطاعت أن تكون له فراشا فلتفعل، فحفظت خديجة حديثه.

.حديث وهب عن الزبور:

وقال عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب، قال في قصة داود، ومما أوحى الله إليه في الزبور: يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي يسمى أحمد ومحمد، صادقا سيدا، لا أغضب عليه أبدا ولا يغضبني أبدا، قد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة، أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لكل صلاة، كما افترضت على الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم.
يا داود إني فضلت محمدا وأمته على الأمم كلها: أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم، لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته لهم، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعاف مضاعفة أفضل من ذلك، ولهم في المدخور عندي أضعافا مضاعفة أفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب إذا صبروا واسترجعوا الصلاة والرحمة والهدى فإن دعوني استجبت لهم، يا داود من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها فهو معي في جنتي وكرامتي، ومن لقيني وقد كذب محمدا أو كذب بما جاء به بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صبا وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره في قبره ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار.

.خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال:

وقال عفان: حدثنا همام عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفي، عن مطرف بن مالك: أنه قال شهدت فتح تستر مع الأشعري فأصبنا قبر دانيال بالسوس، وكانوا إذا أجدبوا خرجوا فاستسقوا به فوجدوا معه رقعة فطلبها نصراني من الحيرة يسمى نعيما فقرأها وفي أسفلها {وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإسلام ديناً فَلَن يُقبَلُ مِنهُ وَهُو في الآَخِرَةِ مِنَ الخاسِرين} فأسلم منهم يومئذ اثنان وأربعون حبرا، وذلك في خلافة معاوية فأتحفهم معاوية وأعطاهم.
قال همام فأخبرني بسطام بن مسلم أن معاوية بن قرة قال: تذاكرنا الكتاب إلى ما صار فمر علينا شهرين حوشب فدعوناه فقال على الخبير سقطتم: إن الكتاب كان عند كعب فلما احتضر قال ألا رجل ائتمنه على أمانة يؤديها؟ قال شهر: فقال ابن عم لي يكنى أبا لبيد: أنا، فدفع إليه الكتاب، فقال: إذا بلغت موضع كذا فاركب قرقورا ثم أقذف به في البحر ففعل، فانفرج الماء فقذفه فيه ورجع إلى كعب فأخبره فقال صدقت إنه من التوراة التي أنزلها الله عز وجل.

.فصل ومن ذلك أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي:

ونحن نذكر بعضها. قال الزبير بن بكار: حدثني عمي مصعب، عن مصعب بن عثمان قال: كان أمية قد نظر في الكتب وقرأها ولبس الممسوح عبدا، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية وحرم الخمر والأوثان والتمس الدين، وطمع في النوبة لأنه قرأ في الكتب أن نبيا يبعث من العرب فكان يرجوا أن يكون هو، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم قيل له: هذا الذي كنت تبشر به وتقول فيه، فحسده عدو الله وقال أنا كنت أرجو أن أكون هو، فأنزل الله عز وجل {واتلُ عَلَيهِم نَبأَ الَّذي آَتيناهُ آَياتِنا فانسَلَخَ مِنها فاتبَعَهُ الشَيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوين} وهو الذي يقول:
كل دين يوم القيامة عند الله ** إلا دين الحنيفة زور.

قال الزبير وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، قال: كان أمية بن أبي الصلت يلتمس الدين ويطمع في النوبة فخرج إلى الشام فمر بكنيسة، وكان معه جماعة من العرب من قريش وغيرهم فقال أمية: إن لي حاجة في هذه الكنيسة فانتظروني، فدخل الكنيسة ثم خرج إليهم كاسفا متغيرا فرمى بنفسه، فأقاموا عليه حتى سرى عنه، ثم مضوا فقضوا حوائجهم، ثم رجعوا فلما صاروا إلى الكنيسة قال لهم انتظروني ودخل الكنيسة فأبطأ ثم خرج أسوأ من حاله الأول، فقال له أبو سفيان بن حرب: قد شققت على رفقتك، فقال: خلوني فإني أرتاد لنفسي وأطلب لمعادي، وإن ههنا راهبا عالما أخبرني أنه سيكون بعد عيسى ست رجفات وقد مضت منها خمس وبقيت واحدة، فخرجت وأنا أطمع أن أكون نبيا وأخاف أن يخطئني فأصابني ما رأيت، فلما رجعت أتيته فقال قد كانت الرجفة وقد بعث نبي من العرب فأيست من النبوة فأصابني ما رأيت إذ فاتني ما كنت أطمع فيه.
قال وقال الزهري خرج أمية في سفر فنزلوا منزلا فأم أمية وجها وصعد في كثيب فرفعت له كنيسة فانتهى إليها فإذا شيخ جالس، فقال لأمية حين رآه إنك لمتبوع فمن أين يأتيك رئيك؟ قال: من شقي الأيسر، قال: فأي الثياب أحب أن تلقاه فيها؟ قال السواد، قال: كدت تكون نبي العرب ولست به، هذا خاطر من الجن وليس بملك وأن نبي العرب صاحب هذا الأمر يأتيه الملك من شقه الأيمن، وأحب الثياب إليه أن يلقاه فيها البياض، قال الزهري وأتي أمية أبا بكر فقال له يا أبا بكر عمي الخبر، فهل أحسست شيئا؟ قال: لا والله، قال قد وجدته يخرج من هذا العام. وقال عمر بن شبة: سمعت خالد بن يزيد يقول: إن أمية وأبا سفيان بن حرب صحباني في تجارة إلى الشام فذكر نحو الحديث الأول، وزاد فيه فخرج من عند الراهب وهو ثقيل، فقال له أبو سفيان: إن بك لشرا فما قضيتك؟ قال خير، أخبرني عن عتبة بن ربيعة كم سنه؟ فذكر سنا، قال: أخبرني عن ماله، فذكر مالا، فقال له: وضعته، قال أبو سفيان بل رفعته، فقال إن صاحب هذا الأمر ليس بشيخ ولا ذي مال قال وكان الراهب أيأسه وأخبره أن الأمر لرجل من قريش.
قال الزبير: وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، قال حدثني رجل من أهل الكوفة، قال: كان أمية نائما فجاءه طائران فوقع أحدهما على باب البيت ودخل الآخر فشق عن قلبه ثم رده الطائر، فقال له الطائر الآخر أوعى؟ قال نعم، قال أزكى؟ قال أبى.
وقال الزهري: دخل يوما أمية بن أبي الصلت على أخته وهي تهنأ أدما لها، فأدركه النوم فنام على سرير في ناحية البيت قالت فانشق جانب السقف في البيت وإذا بطائرين الآخر قد وقع أحدهما على صدره ووقف الآخر مكانه، فشق الواقع صدره فأخرج قلبه فشقه حتى أخرج قلبه فشقه فقال الطائر الأعلى للواقع: أوعى؟ قال: وعى، قال: أقبل؟ قال: أبى، ونهض فاتبعهما أمية بصره فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، لا مال لي يغنيني ولا عشيرة تحميني، فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه ثم أخرج قلبه فشقه فقال الطائر الأعلى: أوعى؟ قال: وعى؟ قال: أقبل؟ قال: أبى، ونهض فأتبعه أمية بصره، فقال لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، محفوف بالنعم محوط بالذنب، قال فرجع الطائر فوقه على صدره فشقه فأخرج قلبه فشقه، فقال الأعلى: أوعى؟ قال: وعى، قال: أقبل؟ قال أبى قال ونهض فاتبعتهما طرفه فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما.
إن تَغفِر أللَهُمَ تَغفِر جَما ** وَأَيُ عَبدٍ لَكَ لا أَلما

ثم انطبق السقف وجلس أمية يمسح صدره، فقلت يا أخي!هل تجد شيئا؟ قال: لا ولكني أجد حرا في صدري، ثم أنشأ يقول:
ليتَني كُنتُ قَبلَ ما قَد بَدا لي ** في قِلالِ الجِبالِ أَرعى الوُعولا

اِجعَلِ المَوتَ نُصبَ عَينَيكَ وَاحذَر ** غَولَة الدَهرِ إِنّ الدَهرَ غَولا

وقال مروان بن الحكم، عن معاوية بن أبي سفيان عن أبي سفيان بن حرب، قال: خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت تجارا إلى الشام، فكان كلما نزلنا منزلا أخرج منه سفرا يقرؤه، فكنا كذلك حي نزلنا بقرية من قرى النصارى فرأوه فعرفوه وأهدوا له، وذهب معهم إلى بيعتهم، ثم رجع في وسط النهار فطرح نفسه واستخرج ثوبين أسودين فلبسهما ثم قال: يا أبا سفيان: هل لك في عالم من علماء النصارى إليه تناهى علم الكتب تسأله عما بدالك؟ قلت: لا، فمضي هو وحده وجاءنا بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه فوالله ما نام ولا قام حتى أصبح وأصبح كئيبا حزينا ما يكلمنا ولا نكلمه، فسرينا ليلتين على ما به من الهم: فقلت له: ما رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك، قال: لمنقلبي، قلت: وهل لك من منقلب؟ قال: إي والله لأموتن ولأحاسبن، قلت: فهل أنت قابل أماني؟ قال: على ماذا؟ قلت: على أنك لا تبعث ولا تحاسب، فضحك وقال: بلى والله لتبعثن ولتحاسبن، ولتدخلن فريق في الجنة وفريق في السعير، قلت: ففي أيهما أنت أأخبرك صاحبك؟ قال لا علم لصاحبي بذلك فيّ ولا في نفسه، فكنا في ذلك ليلتنا يعجب منا ونضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق، فبعنا متاعنا وأقمنا شهرين ثم ارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاءوه وأهدوا له وذهب معهم إلى بيعتهم، حتى جاءنا مع نصف النهار فلبس ثوبيه الأسودين وذهب حتى جاءنا بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ثم رمى بنفسه على فراشه، فوالله ما نام ولا قام حتى أصبح مبثوثا حزينا لا يكلمنا ولا نكلمهن فرحلنا فسرنا ليالي، ثم قال: يا صخر حدثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المحارم والمظالم؟ قلت: إي والله، قال: أو يصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت نعم، قال: فكريم الطرفين وسيط العشيرة؟ قلت: نعم، قال: فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت لا والله، قال: أمحوج هو؟ قلت: لا بل هو ذو مال كثير، قال: كما أتي له من السنين؟ قلت هو ابن سبعين أو قد قاربها، قال: فالسن والشرف أزريا به، قلت والله بل زاده خيرا قال هو ذاك، ثم إن الذي رأيت بي إني جئت هذا العالم فسألته عن هذا الذي ينتظر، فقال: رجل من العرب من أهل بيت تحجه العرب، فقلت: فينا بيت تحجه العرب، قال هو من إخوانكم وجيرانكم من قريش، فأصابني شيء ما أصابني مثله إذ خرج من يدي فوز الدنيا والآخرة وكنت أرجو أن أكون أنا هو، فقلت: فصفه لي؟ فقال: رجل شاب حين دخل الكهولة، بدء أمره أن يجتنب المحارم والمظالم، ويصل الرحم ويأمر بصلتها، وهو كريم الطرفين، متوسط في العشيرة، أكثر جنده من الملائكة، قلت: وما آية ذلك؟ قال: رجفت الشام منذ هلك عيسى بن مريم عدة رجفات كلها فيها مصيبة، وبقيت رجفة عامة فيها مصيبة، يخرج على أثرها فقتل هذا هو الباطل، لئن بعث إله رسولا لا يأخذه إلا مسنا شريفا، قال أمية: والذي يحلف به إنه لهكذا، فخرجنا حتى إذا كان بننا وبني مكة ليلتان أدركنا راكبا من خلفنا فإذا هو أصابت الشام من بعدكم رجفة دثر أهلها فيها فأصابتهم مصائب عظيمة، فقال أمية كيف ترى يا أبا سفيان؟ فقلت: والله ما أظن صاحبك إلا صادقا، وقدمنا مكة ثم انطلقت حتى أتيت أرض الحبشة تاجرا وكنت فيها خمسة أشهر ثم قدمت مكة فجاءني الناس يسلمون علىّ وفي آخرهم محمد وهند تلاعب صبيانها، فسلم على ورحب بي، وسألني عن سفري ومقدمي، ثم انطلق فقلت والله إن هذا الفتى لعجب ما جاءني من قريش أحد له معي بضاعة إلا سألني عنها وما بلغت، واله إن له معي لبضاعة ما هو بأغناهم عنها ثم ما سألني عنها فقالت: أو ما علمت بشأنه؟ فقلت- وفزعت- وما شأنه؟قالت: يزعم أنه رسول الله فذكرت قول النصراني؟ قال: نعم، فقلت قد كان، قال ومن؟ قلت: محمد بن عبد الله، فتصبب عرقا: فقلت: قد كان من أمر الرجل ما كان فأين أنت منه؟ فقال: والله لا ا
صفحة البداية الفهرس << السابق 17  من  35 التالى >> إخفاء التشكيل